لا يخامرني أدنى شك بأن عموم اليمنيين قد انتابتهم حالة من التفاؤل لاستئناف جـولات الحوار بين جماعة “أنصارالله” وباقي الأحزاب الممثلة في مجلس النواب.. باعتبار أن الحوار هو الملاذ الآمن لتعزيز الاستقرار، فضلاً عن أن هذا الحوار – رغم وجهات النظر المتباينة – سوف يفضي في نهاية المطاف إلى وضع رؤية لاستكمال مهام هذه المرحلة الصعبة والاستثنائية من تاريخ اليمن المعاصر وذلك وفقاً لصيغة تحافظ على الحد الأدنى من التوافق.
والحقيقة فإنه بقدر الفرحة باستئناف الحوار في إمكانية الخروج من الأزمة القائمة بقدر ما يمكن أن تلقيه من ظلال سلبية على جدية هذه الأطراف التنازل لبعضها البعض وصولاً إلى التسوية التي تحافظ على أبسط مقومات وإمكانات الدولة والمجتمع.
وفي تصوّري المتواضع فإن المسألة الملحّة في سياقات هذه الأجواء تتركز في نقطة جوهرية وهي سرعة وضرورة التوصل إلى تلك الصيغة التي يتطلّع إليها أبناء الوطن من خلال البدء عملياً في اتخاذ الخطوات الكفيلة بملء الفراغ الدستوري أولاً.. ومـن ثم الانتقال إلى إعادة بناء الثقة التي سوف تتأسّس عليها تلقائياً إعادة بناء منظومة ومؤسّسات الحكم والدولة، خاصة وأن من شأن التعجيل في اتخاذ هذه الخطوات الحيلولة دون تسلّل أي أطراف لتخريب العملية السياسية القائمة من جهة وإقحام تلك الأطراف والبلد من جهة أخرى في أتون صراع مدمّر ستنعكس أضراره السلبية على حاضر ومستقبل اليمن.
ومن الإنصاف في هذا الإطار تثمين الجهود المتواصلة والمضنية والمسؤولة في نفس الوقت التي تبذلها قيادات هذه الأحزاب وحركة أنصار الله، فضلاً عن جهود المبعوث الأممي في الاحتكام إلى لغة الحوار وصولاً إلى إنجاز التوافق حتى وإن استخدمت هذه الأطراف خطاباً حاداً ولغةً عالية النبرة والتشنّج داخل صالات النقاش باعتبار أن ذلك أفضل بكثير من الاحتكام إلى لعلعة الرصاص في معركة لن ينتصر فيها أحد.
والخلاصة فإن الضرورة تحتّم على هذه القوى استمرار اعتماد لغة الحوار - رغم تلك الصعوبات – فذلك سيؤهّلها إلى دخول التاريخ خاصة إذا ما استطاعت نزع فتيل الاشتعال الذي يكاد يعصف باليمن أرضاً وإنساناً.. أو أن تذهب هذه الرموز إلى المزبلة إن هي أخفقت في أداء هذه المهمة.