ما كادت مآقينا تجف إثر اغتيال الصحفي والناشط الحقوقي الشهيد عبد الكريم الخيواني حتى زلزل الحزن أركان الأسرة اليمنية بأكملها جراء التفجيرات الإرهابية المدانة التي طالت جامعي (بدر) و(الحشوش) في أمانة العاصمة صنعاء والتي استشهد خلالها قرابة 150 شهيداً ونحو 450 جريح في عمل إرهابي خسيس ومدان من كافة شرائح المجتمع وفئاته وقطاعاته.
ومن المؤكد إن هذه الجريمة النكراء تستهدف في المقام الأول النيل من وحدة وتماسك المجتمع اليمني بمكونيه الزيدي والشافعي اللذين تعايشا طيلة أكثر من 1200 سنة في وئام ومحبة وانسجام، خاصة وأن ما يجمع بين المذهبين أكثر مما يفرقهما.
وتظهر دلالات هذا الاستهداف بعد أن فشلت المؤامرة في تقويض السلم الاجتماعي بإثارة الضغائن والأحقاد بين مكونات المجتمع ومحاولة خلق انقسام حاد بين هذه المكونات والنخب المجتمعية طيلة العقود الماضية.
ومن الواضح أن ثمة محاولات دؤوبة لجرّ اليمنيين إلى استنساخ الاحتراب الأهلي المؤسف الذي لا يزال جارياً في العراق وسورية وليبيا وذلك بهدف تقويض أركان ومقومات وتماسك الأمة العربية والإسلامية وإقحام شعوبها في أتون حروب أهلية مدمرة يسهل معها لهذه القوى الخارجية تمرير مخططات الهيمنة والتوسع والاستئثار بمقدرات الأمة.
ومن المهم هنا ضرورة أن تعي النخب على الساحة الوطنية تحديداً أبعاد ومخاطر المؤامرة على وحدة واستقرار وتماسك المجتمع والعمل بوتيرة متجانسة على تجنيب الوطن هذه التداعيات وذلك من خلال العودة سريعاً ومجدداً إلى طاولة الحوار والتوصل إلى القواسم المشتركة التي من شأنها رفع وتيرة الأداء لاستكمال إنجاز ما تبقى من الفترة الانتقالية ودون إبطاء أو تكاسل.
ومن المناسب ونحن نقف أمام هول هذه الجريمة البشعة التي ارتكبتها عصابات إرهابية تخلو من كل القيم الإنسانية والدينية والأخلاقية، التأكيد مجدداً على أن هذه العصابات الإرهابية لن تدخر وسعاً في المستقبل القريب في تنفيذ عديد الهجمات الإرهابية بهدف تفتيت التماسك المجتمعي .. وهو ما يتطلب اليقظة والحذر لمجابهة ومحاصرة هذا المخطط العدائي من خلال تجفيف الأسباب والمبررات والظروف التي تنسل منها هذه الفرق الإجرامية لضرب وحدة الاصطفاف وذلك من خلال تعزيز وحدة التوافق وتشذيب الخطاب السياسي والإعلامي الذي يذهب – مع الأسف الشديد – في إذكاء نيران التعصّب والتوتر والاحتقان بدلاً من أن يسعى إلى طمأنة النفوس والمساهمة في ترسيخ قيم المحبة والتعاون.
لهذه الأسباب مجتمعة فإن المطلوب الإجابة على تساؤلات ما بعد ارتكاب جريمة تفجيرات صنعاء الإرهابية الأخيرة قبل ان تذهب اليمن إلى دروب الانهيار.