عرفته زوجاً نبيلاً في تفاصيل أيامه وتصرفاته، وعرفتها زوجة ترتقي إلى مثابة الرجل الذي اختارته من بين الخلق أجمعين، لكن زمناً رمادياً حاصرهما بعد مرور سنوات طويلة من زواج مثالي وأسرة يشار إليها بالبنان، وقد تميّز ذلك الزمن بلون رمادي بعد أن تحوّلت العائلة الصغيرة إلى نبع صافٍ يفيض بروافد مجتمعية متنوّعة الأبعاد ومتعدّدة الاحتمالات؛ لكن أمراً جللاً حدث عصر يوم من أيام المكان الذي لم يعد يجمعهما، والزمان الذي تخطّى تفاصيله بقوة دفع عارمة تغالب الذاكرة، فبالرغم من اتقاد وجدانيهما المترعين بأيام الحب المتجدد، إلا أن الزمان والمكان ضاقا بهما، لكونهما معادلين موضوعيين لما يتجاوز «الأنا النرجسية» وذكرياتها العطرة.
تداعت الأيام وفق نواميس لا مكانية ولا زمانية، فانبرت حقائق الجبر الوجودي لتحيل عاطفتيهما المتقدتين إلى رماد من شكوك وريبة متتالية، لقد ضاقت بهما الفضاءات على اتساعها، والذكريات على جمالها الأخاذ، والمعاني برغم نبلها الشريف، فإذا بكل المد العظيم لبحار الزهو والشفق الجميل يستحيل إلى مجرد صخب ونتوءات مداهمة.
لقد انتابها الشك الكبير في زوجها الكبير؛ فجاءت المعادلة الرياضية بقدر فداحة النتيجة، وتتابعت أوهام الظنون حتى تحوّلت إلى حقيقة تثبت معنى المعقول في اللا معقول، والمرئي في اللا مرئي، والممكن في المستحيل، فتفارقا وتنازعا خارج المكان والزمان، بل خارج المنطق والحقيقة.
يومها أثبت سلطان الدهر سطوته، وسجل مقولته الأزلية ليرمي بهما في غياهب بحر يتطاول في جزره بعد أن استنفد مده، وما كان لهما من خيار للسيطرة على متوالية الجزر والمد الأبديين سوى شرارة العاطفة الأولى التي كانت كفيلة بتحويل رماد المكان والزمان إلى ألوان زاهية تشع بأقواس قزح الشفقية .
Omaraziz105@gmail.com