تعجّ آداب النبوءات التدوينية بخيارات جبرية تؤدي إلى حتمية الدمار ، بوصفه درباً للمستقبل لا مفر منه.. ابتداءً من رؤيا يوحنا الرسول، المسطورة في إنجيل يوحنا، مروراً بما ذهب إليه الساحر المثير للجدل «نوستراداموس» في نصوصه الشعرية الغامضة، وحتى كُتب الظهور القادم للمسيح عليه السلام، والمهدي المنتظر.. بنسختيها السنية والشيعية.
ومن المثير للعجب أن هذه الآداب التدوينية المغروسة في نسيج “أديان الشريعة الوضعية” تلتقي عند هذا الحد من القول بالنهايات التراجيدية الحتمية، وكأنها تبرر التدافع المريب صوب الموت الجماعي الماثل.
تنوعت الأسماء عند كل الملل والنحل، والجوهر واحد، فالنموذج الطالباني الأفغاني، يعيد إنتاج نفسه في تجارب مجاهدي الشباب الصومالي، والداعشيين في العراق والشام،والقاعديين في اليمن؛ فكل هؤلاء يلهجون باسم الدين، ولكنهم ينخرطون في متوالية تشويه مؤكد للإسلام وسماحته، وعبقرية تعامله مع نواميس الجغرافيا والتاريخ .
ومن المريب حقاً أن يتوفَّر هؤلاء على أسباب الدعم اللوجستي المادي، والرفد البشري الشبابي القادم أصلاً وأساساً من متاهات أنظمة الإخفاق والفشل في العالم العربي والإسلامي، فهذه الأنظمة وفَّرت للتيارات المتطرفة بيئة خصبة لتجييش آلاف الشباب المنحدر من عوالم الفقر الرث، ومن بيئات أرستقراطية منحلة فاجرة في ذات الوقت. ومن المخيف أن التفكير ما زال محصوراً في مكافحة النتائج، لا الأسباب الحقيقية وراء هذه النتائج.
المذهبيون المعاصرون هم الهرمجدونيون التاريخيون، بغض النظر عن الديانة المحددة ، والعقيدة الخاصة ، فالجميع ينخرط في متوالية الموت المجاني ، سواء بطريقة مباشرة أو مُتخفِّية، والثانية أدهى من الأولى.
Omaraziz105@gmail.com