التوطئة العامة حول الفنانة الإماراتية فاطمة لوتاه والتي اسلفت الحديث عنها خلال اليومين السابقين، تتطلب بعض الإشارات الموصولة بأعمالها التي عرضتها في دبي والشارقة، وسأبدأ بما رأيته في “إكسبو الشارقة” خلال أُمسيات شهر رمضان المبارك، حيث قدَّمت الفنانة مقترحاً بصرياً مشرقياً يُعيدنا إلى مرابع التصوف العرفاني من خلال النادرة رابعة العدوية، وعبر التجسيم الشفيف المتألق بالنور، والكلمات الموازية النابعة من شعر الزاهدة الكبيرة، ثم تتوالى معادلة التناغم بين النور والمادة الشفيفة في سلسلة من الأعمال المشهدية المجسَّمة، وفي إشارة دالة على العلاقة بين البُعدين المنظورين للإيهام البصري والواقعية البصرية أيضاً. آية ذلك أن البُعد المنظوري الواقعي يتضمَّن في سطح اللوح المسطَّح طولاً وعرضاً، سرعان ما يتماهى مع المنظور البصري الافتراضي الذي يتوخَّاه الفنان وهو يرسم.. أي أننا بصدد واقعية بصرية وجودية معطاة من كون مساحة الرسم عبارة عن طول وعرض واضحين، وبالمقابل نحن إزاء بُعد وهمي تجريدي مؤكد، يتعلق بالرسم المنظوري، أو الرسم في البُعد الثالث غير الواقعي في حالة تنفيذ العمل الفني على ورقة من طول وعرض فحسب.
هذا يعني أن الواقعية الفنية الصرفة منغرسة في أساس الإيهام والتجريد، وعلى ذات المنوال يمكننا استقراء العمل التجريدي النابع أساساً من عناصر واقعية مسافرة في فضاء الأثير المجافي للتجسيم المتعارف عليه أكاديمياً.
تبدو المسافة هنا بين الواقعي والتجريدي رافعةً لما يتجاوز تلك المسافة، فكل عمل واقعي ينبئ بتجريد قادم، وكل عمل تجريدي يتصل عمقاً بالواقعية الفنية السابقة عليه.
Omaraziz105@gmail.com