استمراراً لإصدارات الشارقة عاصمة الثقافة الإسلامية، نتابع كتاب «القلائد الذهبية في تاريخ المساجد في المنطقة الشرقية» للباحث راشد صالح محمد النقبي، حيث يتوقَّف الباحث أمام هذا الموضوع المهم من خلال استقراء مزدوج للفقه والتاريخ، مُوثقاً لمساجد المنطقة الشرقية بإمارة الشارقة في دولة الإمارات العربية المتحدة، وراصداً لتلك المساجد بالأسماء والأوصاف والصور النادرة، بحيث نتوفَّر على انطولوجيا بصرية وصفية ذات قيمة جمالية ودلالية عالية.
يستطرد الكتاب على هذه المصفوفة الثمينة من المساجد التاريخية، مُقدّماً قواعد بيانات رقمية للمساحات، وتواريخ البناء، والصيانة، وغيرها من المعلومات الوثائقية ذات القيمة الخاصة، سواء لجهة الحفاظ على هذه الشواهد المعمارية، أو لجهة الشروع في الحفاظ على تماسكها وديمومتها.
الكتاب يمثّل عتبة انطلاق مؤكّد نحو استقراء لاحق، يتناول الأبعاد الجمالية والفنية والتاريخية في صلتها بالانتربولوجيا الثقافية العربية الإسلامية ذات الخصائص المحلية، بل التفاعلية الأُفقية مع عمارة المساجد التاريخية في العالم الإسلامي.
المباحث المتنوّعة في الكتاب تستعرض للمساجد تعريفاً واصطلاحاً، ثم تنوِّه لأهمية المساجد الأثرية في التاريخ، كما تشير إلى كيفية تحديد القبلة وأوقات الصلاة في الأزمنة القديمة، ورأي الصحابة والتابعين في أداء الصلوات في المساجد العتيقة، وكذا حكم بيع المساجد المهجورة أو التي تعطّلت منافعها.
وفي الفصل الثاني يقدّم الباحث نبذة تاريخية عن المساجد الأثرية في المنطقة الشرقية، في فترة ما قبل اتحاد دولة الإمارات العربية، مُتناولاً بالتحديد مساجد خورفكان، ومنطقة زبارة، واللؤلؤية، وكلباء، ودبا الحصن.
وفي الفصل الثالت نقف أمام سير الأعلام والأماكن من خلال عرض لسير الأئمة والمؤذّنين، والخرائط الجغرافية لمواقع المساجد في كل منطقة.
بهذا يكون الباحث المؤلّف قد قدَّم لنا مدوّنة مشهدية بصرية مترافقة مع المعلومات والوصوف الضافية والعرض الضروري للبيانات الأساسية المرتبطة بتلك المساجد؛ الأمر الذي يفتح باباً واسعاً لمزيد من التأصيل المفاهيمي لموضوع الكتاب بوصفه منصّة انطلاق في هذا الباب.
يمثّل هذا الإصدار إضافة نوعية لسلسلة مطبوعات «الشارقة عاصمة الثقافة الإسلامية» وتكمن الأهمية الخاصة له في كونه مشفوعاً باشتغال واضح على التوثيق الدقيق المقرون بالمعلومات الواضحة.
Omaraziz105@gmail.com