تودع اليمن عام 2014م, بمظاهر دالة على صعود نجم الحركة الحوثية سياسياً وشعبياً وبروزها كقوة متفردة في مناخ مفتوح على تفكك سلطة الحكم وتراجع حركة الفعل السياسي نحو إعادة بناء الدولة اليمنية المدنية ونظام الحكم الرشيد.
دل صعود الحركة الحوثية على واقع تاريخي سيطرت عليه مراكز القوى وتحكمت فيه بالسلطة والنفوذ, حيث انهارت هذه القوى وخرجت من المشهد الوطني مخلفة سلطة مفككة ودولة مغيبة, وواقع مفتوح على النتائج التي أفرزتها ممارسات تلك القوى دفاعاً عن مكاسبها ونفوذها وإعاقة للتغيير وعرقلة للعملية الانتقالية.
وفي 21 سبتمبر 2014م, عاين اليمنيون على الأرض, وتحديداً في العاصمة, واقعاً ينفتح على زوال قوى التخلف والفساد, ويضع الحوثيين في مواجهة تركة مثقلة بالأزمات ومفرغة من قوى المشروع الوطني وحركته المنتظمة والمنظمة سياسياً وشعبياً, ولأن الحوثيين جزءاً من خارطة قوى مفككة وحائرة في مواجهة متغيرات أتتها من حيث تعامت عن رؤيتها بعلم أو ظنون, فإن ضخامة المسئولية التي وضعتها الأحداث على كاهلهم جعلتهم في موقع التخبط والارتباك بين الامساك بسلطة مفككة وبين الشراكة في الإصلاح والتغيير,
يحاول الحوثيون الامساك بسلطة حكم من منظور سيطرتهم المباشرة على الأداء والإدارة, وهي محاولة دالة على ارتباك الجماعة في مواجهة مسئولياتهم السياسية والعملية, ولو توقفوا بعين العلم والعقل أمام الواقع ودورهم فيه, لأدركوا أن الطريق الأمثل للإصلاح المنشود والتغيير المراد, يتعين عملياً من خلال إعادة بناء مؤسسي للإدارة الحكومية, وبما يحقق في بنيتها ووظيفتها الشفافية والرقابية, ويخضعها للمساءلة والمحاسبة, بغض النظر عن الوجود الإشرافي المباشر والشخصي لجماعة أنصار الله,
وإجمالاً, فإن عام الصعود الحوثي كشف عن واقع متدهور ووضع منهار, وهو ما يتطلب كأولوية سياسية ووطنية من أنصار الله ثم من بقية أطراف اتفاق السلم والشراكة الوطنية العمل على:
أولاً: صياغة مشروع سياسي مرحلي لإعادة بناء السلطة وإصلاح مؤسسات الحكم وتأهيلها لوقف الفساد وانهاء الإفساد.
ثانياً: التعجيل بالخطوات اللازمة لإعادة بناء الدولة الديمقراطية على أساس اتحادي, وتحديداً إنجاز الدستور والاستفتاء عليه.
وعلى كل حال فإن العام المرتحل بصعود جماعة أنصار الله إلى صدارة المشهد الوطني ومقدمة الفعل السياسي, يضعنا كقوى وطنية ومجتمعية وأحزاب سياسية أمام تحديات العودة إلى حالة من توازن القوى تضمن قدراً من السلم والشراكة في الواقع وليس فقط على الورق والشفاه.
albadeel.c@gmail.com