علـى الـرغـم مـن قتامة المشهد والوضع الاستثنائي الخطير الذي أعقب إصدار الإعلان الدستوري الذي تبنته حركة أنصار الله مؤخراً، لاتزال - في اعتقادي - ثمة فرصة سانحة يمكن التقاطها قبل الذهاب إلى المجهول.
وإذا كنا نعرف تماماً أن هناك وقائع تؤكد على أن الوطن يعيش الآن لحظات فارقة تتهدد وجوده وكيانه ووحدة تماسكه.. وبالتالي فإن احتمـالات مشهد الدمار لا يمكن وصفه بأي حال من الأحوال إذا ما ذهب البعض إلى الادعاء باحتكار الحقيقية المطلقة وأصر على اتخاذ خيارات أحادية الجانب يصعب معها احتواء المشهد الذي يمكن أن تؤول إليه البلاد.
ومع كل ذلك لا بأس من التفاؤل بإمكانية الخروج من عنق الزجاجة، وبأن تكون الخطوات الإجرائية في إطار هذا التحول تأخذ بعين الاعتبار الشراكة الفعلية مع باقي المكونات والقوى السياسية على الساحة الوطنية؛ وذلك من خلال إعادة مد جسور التواصل تحت أي مسمى كان.
وثمة أمل آخر يبزغ أيضاً من إمكانية إحياء دور التهدئة الذي يلعبه المبعوث الأممي وصولاً إلى صيغة توافقية تحافظ على الحد الأدنى من المشترك بين مختلف هذه الأطراف والمكونات انطلاقاً من القناعة بأن الخطوات التي اتخذتها حركة أنصار الله في هذا السياق قد تمثل أعباء إضافية على تماسك المجتمع برمته.
وأخيراً فإن هذا الوضع الاستثنائي الحرج الذي يعيشه اليمن يبدو بحاجة إلى قـراءة مختلفـة من اليمنيين أولاً ومن ثم من المحيط الخليجي والإقليمي والدولي، وبحيث تتوخى هذه القراءة إعادة التفكير في المآلات الخطيرة التي قد يرتبها هذا الوضع الاستثنائي، الأمر الذي يدعـو إلى الاحتكام مرة أخرى إلى صوت العقل والضمير، فضلاً عن المسؤوليات المناطة بالأسرة الأممية تجاه الأطراف الإقليمية التي جعلت من الساحة اليمنية حلبة للصراع فيما بينها.. وهو أمر متاح وممكن إذا ما تحركت واشنطن في إطار الضغط على هذه الأطراف الإقليمية؛ إذ سيوفر ذلك فرصة لنزع فتيل الاشتعال في جزء مهم من منطقة حيوية جغرافياً واقتصادياً بالنسبة للعالم أجمع.