تتزايد المخاوف يوماً إثر آخر من مخاطر الاحتكام إلى الشارع في ظل المستجدات الراهنة على الساحة الوطنية.. ولعل مبعث هذه المخاوف أن يفلت الزمام أمام الشارع وبحيث يتحول إلى صدام واسع على خلفية تأييد أو معارضة هذه المجريات على الساحة الوطنية.
ومن المؤكد أن بعض القوى على الساحة تسعى إلى حشد وتأجيج الشارع وتعبئته لمجابهة غير محسوبة النتائج والتي ستلقي بظلالها دون شك على أمن واستقرار وتطور اليمن الأمر الذي يتطلب التفاعل الايجابي مع هذه التطورات بمعزل عن الارتهان الى الاهواء والامزجة الشخصية والحزبية.
من هنا – ربما – تحتاج هذه القوى والمكونات إلى مراجعة جذرية لمواقفها تجاه هذه المتغيرات والتعاطي معها بإيجابية ومسؤولية، خاصة وأن ثمة واقعاً جديداً ينبغي التعامل معه على أساس هذه المسؤولية التي سوف تجنب الوطن مغبة الذهاب إلى المجهول.
ومن الواضح أن خطاب حركة التغيير التي يقودها أنصار الله – رغم كل الاجراءات التي اتخذتها – لا تزال تسمح بإمكانية التحاق هذه القوى بركب هذا المتغير.. وبأن تكون شريكاً فاعلاً في بناء التجربة وعلى أسس ومعايير مخرجات الحوار الوطني واتفاق السلم والشراكة.
لقد جرب اليمنيون خلال الفترات المنصرمة عديد الخيارات وجابهوا الكثير من التحديات والتعقيدات، لكنهم كانوا أقدر على تجاوزها في نهاية المطاف وذلك باعتماد العقل والحوار والحكمة التي تميزوا بها على الدوام.
وإذا كان اليمنيون يدخلون اليوم معترك هذا المتغير الجديد في حياتهم فلا بد كذلك من التعامل معهم بالمزيد من استشعار هذه التحديات والارتفاع فوق المصالح الحزبية والذاتية والمناطقية، إذ أنهم سوف يكبرون بهذا العمل حتى وإن قدموا تجاه هذه الاستحقاقات المزيد من التنازلات.
إن اعتماد هذا المنحى الإيجابي في التعاطي مع المتغير الراهن سوف يكون أفضل بكثير من الاحتكام إلى منطق الشارع أو اللجوء إلى استخدام القوة.. باعتبار أن هذه الخيارات سوف تكون وبالاً على الجميع دون استثناء.