يحتفل اليوم أبناء الأُمتين العربية والإسلامية في شتى أنحاء المعمورة بالعام الهجري الجديد الذي يأتي وسط ظروف استثنائية تعيشها الأمة وتتطلب قدراً كبيراً من تضافر الجهود لمواجهتها ، خاصة في ظل المستجدات الراهنة والتي تلقي بظلالها الكئيبة على واقع الأمة الإسلامية والدول العربية تحديداً.
وبالقدر الذي تحتاجه الأمة الإسلامية لتعزيز القواسم المشتركة وتفعيل ميادين التعاون بقدر ما تحتاج كذلك إلى تمثل معاني ودلالات الهجرة النبوية الشريفة قبل 1435 عاماً ،خاصة وهي مناسبة تذكر البشرية بإرساء الأسُس الأولى للدولة الإسلامية وبما اشتملت عليه من تفاصيل وتشريعات تهم العلاقة بين الأفراد والمجتمع ومنظومة الحكم الإسلامي المنفتح على ثقافة الشعوب والأمم .
وإذا كان من دلالات إضافية لمثل هذه المناسبة ، فهي أكثر ما تشير وتنبه إلى الأوضاع المتردية التي تعيشها عديد الأقطار الإسلامية ومنها تحديداً دول المنطقة العربية التي تتقاذف أقطارها رياح الفُرقة والتباين وتستعر في داخلها ألسنة الاحتراب دون أن تتبلور رؤية فاعلة للحلول تستلهم منابع تعاليم الدين الإسلامي الحنيف الذي يحث على مبادئ التضامن وروح الألفة ونبذ الأحقاد وتوطيد دعائم التعاون وتعزيز القواسم المشتركة، سواءً داخل كل قطر على حدة أو على مستوى دول ومؤسسات المنظومة الإسلامية ككل ، حيث تتطلب مصالح هذه الشعوب ضرورة توحيد إصطفافها ضد مجمل التحديات القائمة أمام الأمة الإسلامية في أكثر من جبهة ومكان.
وحسناً أن يهل العام الهجري الجديد وشعبنا اليمني يدلف عاماً حوارياً جديداً لاستكمال إنجاز التسوية السياسية التاريخية، حيث يستبشر فيه الجميع بأن يكون عاماً جديداً لولادة يمن حديث يقوم على تمثل تلك الروح الإسلامية المتحررة من شتى صنوف الاستلاب والديكتاتورية والإنعزال، تتعزز فيها قيم الحرية والعدل والمساواة والديمقراطية والحكم الرشيد.. وهي التطلعات التي ناضل من أجلها ويترقبها كل أبناء الوطن في الداخل والخارج بعين الرضا والتفاؤل، خاصة مع اقتراب انتهاء أعمال مؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي يسعى – إلى جانب تحقيق تلك الأهداف والتطلعات - تجاوز رواسب الماضي السلبي المتخلف والانطلاق بالتجربة اليمنية الحديثة نحو آفاق رحبة ومتطورة في المستقبل القريب وعلى قاعدة الشراكة الوطنية والاحتكام إلى خيارات العصر غير المعزول عن التراث الحضاري للأمة الإسلامية .. وكل عام والجميع في استقرار ورخاء وازدهار.