منذ بداية السبعينيات بدأ العمل لهدم التعليم إلا أن الأوضاع آنذاك غير مساعدة.. وكلها كانت تحت يافطات وطنية مثل “يمننة التعليم” و«يمننة الكتاب المدرسي” و«يمننة المدرس، أو المعلم اليمني” وكلها كانت تخفي وراءها مؤامرة، وجريمة مخططة بإحكام لتخريب التعليم، ثم تبعتها شعارات سياسات تطوير التعليم، وتجويده ـ سياسة التدريب والتأهيل ـ رفع أداء المعلم، تطوير أداء الإدارة المدرسية، تطوير التعليم الثانوي ـ رفع أداء التقييم المدرسي” و...و.. الخ مما يشابه هذه العناوين التي لم توصل التعليم إلى ما هو عليه اليوم.. من وضع مهلهل مخرب مدمر، أو قل إلى ما وصل إليه من وضع كارثي.
الذي يقترب من جهاز التربية، والتعليم يبكي دماً وهو يلاحظ أن الأجهزة الإدارية، والفنية، والرقابية التفتيشية يشعر، ويحس بالتخريب والتدمير الذي لحق بها، لأنها سلمت إلى من ليس أهلاً لها.. لأن العمل فيها أصبح منذ فترة خاضعاً للحزبية، وللوساطة، وللمعايير الاجتماعية، وللمحسوبية، وللرشوة، والبيع والشراء والتدخلات الوجاهية ومن يحاول أن يقف في وجه هذا التخريب والتدمير يجد من قوى الفساد والإفساد في التربية، وفي المجتمع، والمتنفذين، وظيفياً واجتماعياً ونيابياً في التعيينات الإدارية، وفي التوجيه، وفي الرقابة والتفتيش وفي المديريات وفي المدارس دون أن يكون له أي دخل في ذلك كجهة اختصاصية.. حتى الجهات غير المختصة مثل المحافظات تتدخل في التعيين والنقل في قطاع التربية، وتصدر قرارات يجد مدراء التربية انفسهم مجبرين على تنفيذها ، وإلا سيبعدون، إن قوى الفساد والإفساد والتخريب تشكل لوبياً قوياً يملك القدرة للضغط على قيادة التربية على تنفيذ رغباته واختراق مكاتبهم... فتصور أن هناك من يقوم بشراء نماذج قرارات من أماكن التصوير، وتعد تعبئة القرار بدسه في الملف الذي سيدخل للمسئول الذي يرى التوقيع مفتوحاً له فيوقع دون التحري على ماذا يوقع، والمشكلة أنه يأخذ القرار ويتجه صاحبه إلى إدارات التربية المعنية دون أي رسالة تغطية من قبل القطاع المختص.. ويستقبل بكل حفاوة لأنه يحمل قراراً عارياً من أي تغطية.. فيحال إلى الجهة المختصة لتوزيعه وتمكينه من العمل دون أي سؤال عن إرسالية، أو رسالة تغطية للقرار.. وهكذا خرب ودمر التعليم إدارياً وفنياً ومعلماً وكتاباً ووسائل.. ورقابة وتفتيشاً فتصور أن يعين هذا أو ذاك في الرقابة والتفتيش المالي والإداري اختصاصه إسلامية.. إن التربية والتعليم لم تعد إلا شكلاً.. أما الجوهر فقد خرب ودمر، وإصلاحها.. بل إعادة بنائها تحتاج إلى ثورة تنفذ من قبل تربويين صادقين مخلصين.