•“بينما كان الأب في طريق العودة إلى المنزل لمح ابنه في أحد الأماكن البعيدة نسبياً عن المنزل، فما كان منه إلا أن انهال عليه بالضرب الشديد أمام المارة لتواجده في هذا المكان بمفرده” ذلك موقف رواه لي أحد الزملاء، معللاً تصرف الأب بأنه كان نابعاً من خوفه الشديد على ولده من أن يكون مصيره مثل مصير الطفل سفيان العديني، خاصة في ظل غياب الأمن والأمان وتباطؤ الجهات المعنية في الكشف عن مرتكبي الجريمة البشعة بحق الطفل سفيان.
• هذه الجريمة البشعة ألقت الرعب في قلوب الآباء والأمهات خوفاً على أولادهم من أن يلاقوا نفس مصير سفيان ولا يجدون من ينتصر لهم، وما الموقف الذي ذكرته سابقاً إلا أنموذج بسيط يؤكد الخوف والرعب المنتشرين بين الآباء في المدينة عقب حادثة الطفل سفيان، والمصيبة هنا هي أن الجهات المعنية يبدو أنها لا تكترث لمسألة تبديد هذا الخوف وإعادة الطمأنينة والأمان إلى المجتمع بسبب عدم إسراعها في الكشف عن مرتكبي الجريمة أياً كانوا دون محاباة أو مجاملة، أو رضوخها ـ كما يُشاع ـ لتدخلات نافذين للمماطلة فيها وتمييعها وكأن شيئاً لم يكن.
• إن أشد ما نخشاه هو أن يتم تمييع قضية الطفل سفيان أو توجيهها في اتجاه آخر كما يتحدث البعض اليوم، وإذا ما حدث ذلك فإنها والله الطامة الكبرى، لأن ذلك سيكون بمثابة شرعنة وضوء أخضر للمجرمين وغيرهم لارتكاب المزيد من الجرائم من هذا النوع.
• المعروف أن حب النفس لا يضاهيها أي حب، والإنسان بطبيعته البشرية يحب نفسه أكثر من أي شيء آخر، وبالتالي فإن لا أحد يجرؤ على قتل نفسه إلا إذا كان تحت ضغط كبير من مشاكل وهموم وصل في حلها إلى طريق مسدود ولم يعد قادراً على تحملها أو التعايش معها، فيلجأ إلى الانتحار كوسيلة للهروب والتخلص مما يعانيه، لكن هل من المعقول أن يفكر طفل كسفيان وهو لم يتجاوز الـ(11) من العمر بالانتحار أصلاً؟ وما هي الهموم والمشاكل التي قد يعانيها طفل في مثل هذا العمر وتدفعه أو تجبره على الانتحار؟.. فكيف تريدون منا أن نصدق ما تقولون من أنه شنق نفسه، فالمثل يقول: “إذا كان المتحدث مجنون فالمستمع عاقل”.
• أيها المسئولون اتقوا الله في أولادكم وفتشوا في ضمائركم عن الأخلاق والمبادئ الإنسانية والقيم الدينية واعتبروا أن سفيان ولدكم.. فهل سترضون أن يتم انتهاك كرامته وسلب روحه بهذه الطريقة البشعة والمقززة؟ ولو أن الذي حدث لسفيان حدث لابن أحد النافذين هل كان سيتم تمييع قضيته كما يحصل مع سفيان الطفل البسيط لعائلة بسيطة؟، ولكم ولنا في رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة وهو الذي قال أو فيما معناه “ إنما هلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم القوي تركوه وإن سرق الضعيف أقاموا الحد عليه” وفي هذا دلالة واضحة وتأكيد صريح على أن تطبيق القانون يجب أن يشمل الجميع مهما كانت مكانتهم الاجتماعية أو الاقتصادية أو السياسية ...إلخ، وإلا فإن ذلك إيذان بالهلاك.
• إننا هنا لا نجرِّم أحداً ولا نوجه اتهاماتنا ضد أحد لكننا لا نزال ننتظر من الجهات المعنية التعامل بشفافية ووضوح في كشف الجناة، لا نريد منها أن تسلك ذات الطريق المألوف بأن يتم تقييد القضية ضد مجهول أو تقوم بالتستر على مرتكبي هذه الجريمة مهما كان شأنهم أو مراكز نفوذ آبائهم، بل نريد منها كشف الحقائق وإقامة العدل والإنصاف والانتصار للحق والكرامة الإنسانية حتى نشعر بالأمن والأمان على أطفالنا من أن تتخطفهم أيادي الإجرام، فلا نريد أن يصل الحال إلى أن نقوم بحبس أطفالنا في المنازل بينما أمثال هؤلاء من الذئاب البشرية يسرحون ويمرحون في شوارع المدينة وأزقتها لاصطياد فلذات أكبادنا وانتهاك براءتهم وكرامتهم وسلب أرواحهم.
• إن الانتصار لقضية الطفل سفيان واجب ديني وأخلاقي ووطني، انتصار للأمن والأمان، انتصار للقيم الدينية والإنسانية والكرامة والشرف، انتصار للبلد الذي يمثل الأطفال ثروته وعماد بنائه ومستقبله المشرق، فلا تخذلوا البلد ولا تخذلوا أبناءنا الصغار ودعونا نشعر بالأمان على حياتنا وحياة أطفالنا.
k.aboahmed@gmail.com