نحن في عصر الوسائط المتعددة أو ( الملتميديا ) بالاصطلاح الشائع عالمياً .. ولأننا في هذا العصر لامفر من أن نحضر في المشهد بكفاءة المشارك لا سلبية المتلقي العاجز الذي يجمع بين مستويين من السلبية.. الأولى تتعلق بكونه مستهلكاً للخيرات المادية لا شريكاً في صناعتها.. والثانية في كونه متداعياً مع الوسائط المتعددة بوصفه متلقياً سلبياً أيضاً.
أصبحت المصانعة في هذه المسألة معياراً حقيقياً لمستوى التطور وقابليات الانتماء للمستقبل، لأن ( الملتميديا ) تعني في نهاية المطاف القدرة على الاستفادة من المعلوماتية والمشاركة فيها والوصول إلى الرأي العام بطريقة مناسبة .. وأخيراً وليس آخر الإسهام في التنوير العلمي والمعرفي والثقافي؛ حيث إن مفردات الوسائط هي الوسيلة المثلى لذلك .
تتضمن مفردات هذه الوسائط الإذاعة والتلفزيون والاسطوانات المدمجة والانترنت والتحادث عن بعد بالصوت والصورة.. وغيرها من عناصر أصبحت تتكشف يومياً عن الجديد والمثير .
هذه الوسائط لم تعد تمثل قيمة فردية لمستهلكيها والعاملين فيها بل تداخلت مع البنى المؤسسية والمهن المختلفة بحيث أصبحنا أمام ضرورات لامفر من أخذها بعين الاعتبار .
ثقافة المهنة أصبحت محكومة بهذه الضرورات من حيث إن المعلومة والإيضاح والإعلان عن السلعة وترشيد المستهلكين أصبح جزءاً لايتجزأ من العملية الإنتاجية والاستهلاكية .. وإذا تجولنا في عالم المهن في المنطقة العربية سنكتشف أننا في حاجة لرؤية أساسية تضعنا في قلب المعادلة العالمية المرتبطة بثقافة المهنة في عصر الوسائط المتعددة .
من حُسن الحظ أن بعض الفضائيات التعليمية العربية تقدم إضافات طيبة في هذا المجال، غير أن النزعة الاستهلاكية الشاملة للمنتج المعلوماتي والفني هي السائدة على عكس مانراه في بلدان أخرى كالهند الموصوفة بكونها من أكبر مصدري البرمجيات أو الصين التي تقتحم درب الإنتاج الصناعي بقوة دفع هائلة وتستفيد من معطيات التكنولوجيا وماوصل إليه الآخرون من تطور في هذا الباب .
لقد أصبحت البشرية أمام حقائق لم تدر بخلد أحد منذ سنوات قليلة مضت . كما أن التحدي الأكبر يكمن في إمكانية التحاقنا بركب العولمة الذي أصبح حقيقة موضوعية لايمكن تجاهلها أو تناسيها.
علينا إذاً أن نبحر ونحن نسبح أو أن نتعلم السباحة أو نتمنطق أطواق النجاة . مالم فإننا غارقون لامحالة.
Omaraziz105@gmail.com