مفاجأة صاعقة أدْهشت الرائين في الحارة.. يوم أن عادت «مريوم» من البحر وهي تشق درب الحارة..عارية كما ولدتها أُمها .. جميلة كما لم يشاهدها أحد من قبل، وصاعقة للناظرين المفتونين بقوامها الرشيق.
منذ تلك اللحظة الفارقة في تطيُّرها، تحولت مريوم إلى عاشقة أزلية للتعرِّي، ولم تكن تقبل ثوباً على جسدها، فما كان من ذويها خيار خارج الشروع في محاصرتها .. بسجنها في غرفة بالبيت، وبهذا فقدت المسكينة صلتها بالطبيعة والبحر، وهوايتها في التَّعري الكامل، لإظهار مفاتنها المتوارية وراء الفساتين، فتداعت مع أوهام شقائها، بالرغم من محاولات ترويضها، حتى أنهم ألبسوها أجمل أنواع الحرير، وأندر الطنافس والمجوهرات، وبخروها بالروائح اليمانية، والعطور الحجازية، واللبان الصومالي.. قاموا بتمشيط شعرها وتمسيده برفق العناية بتحفة فريدة.
كل ذلك كان مقروناً بالأمل في أن تتخلَّى مريوم عن عادتها بخلع ملابسها والتعرِّي أمام الناس، لكنهم لم يفلحوا في ذلك، فقرروا تزويجها قسراً، من عاقل استوعب جنونها تنازلاً عند حد الفتنة والجمال الآسر.. لكن الزوج المُتطوّع لم يتمكن من تغيير عادتها، بل كانت تفاجئه من حين لآخر بخروج سافر من البيت، بالتوافق مع التعرِّي الكامل الذي يصعق المارة المفتونين بذلك الجمال الأخَّاذ.
كانت تجري عارية من البيت حتى آخر نقطة مطلة على البحر، وهنالك تقف مجدداً لتستكْنه عوالم ذاتها المترنحة بين الواقع والخيال .. بل بين الجمال الآسر والجنون الساحق.
لا يعرف أحد كيف انتهت العلاقة الزوجية المخاتلة، ولا حتى نوع الجنون الذي أُصيبت به المُتعرية الفاتنة، ولا كيف وصلت إلى دبي وهي في العقد الرابع من عمرها.
هذه المرة، وبعد تلك السنين الطويلة حلَّت الملابس الثقيلة محل التعري السافر، وفي هذا الانقلاب السلوكي لمريوم كثرت الاجتهادات، وتبارى صُنَّاع الأخبار والمفسرون للظاهرة. لكن أحداً منهم لم يتمكن من الجزم بمعلومة قاطعة مانعة حول مريوم وسيرتها الوجودية.
ثنائية التعري الكامل، والجسد المشبوك بعشرات القطع النسيجية كان التعبير الأقصى عن الذات المنشطرة، الممحونة بالجنون المُتبَهلل.. بل التطيُّرات المترافقة مع صمت يطول، وكلام لا يزول.
في النهار صمت مديد، وفي الليل حديث طويل متواصل مع الحبيب الحاضر الغائب.. ذلك الذي يحيل أُمسياتها المَمْحونة إلى ساحات أبيقورية للمتعة واللذة والتشهِّي.
Omaraziz105@gmail.com