من خلال القراءة الأولية لمخرجات القمة العربية -الأفريقية التي تختتم أعمالها اليوم في الكويت، يستخلص المرء جملة من المعطيات، يأتي في طليعتها حـرص المجموعتين العربية والأفريقية على تعزيز الشراكة في التنمية وتوطيـد التعاون البيني في مختلف القطاعات والمجالات.. وهي مهمة كانت حاضرة في قمتي القاهرة وليبيا السابقتين دون أن تُـؤتي أكلها لأسباب لا يكفي الحيز هنا لسردها.
وإن كـان أمر الحرص على الخروج من هذه الدوائر المغلقة أمر طيب وجيـد، فإنه لا يزال في مسيس الحاجة إلى وضع آليات عمل تساهم في ترجمة وبلورة مخرجات القمة الثالثة إلى وقائع ملموسة على الأرض، بل لعل الأمر المهم - في هذا الإطار - سـرعـة تداعي دول المجموعتين إلى معالجة الإشكالات القائمـة والبحث في كل ما من شأنه تعزيز القواسم المشتركة التي تستفيد من الإمكانات المتاحــة وتسخير الموارد المالية الممكنة لإقامة تنمية شاملة تفضي إلى الغايات والتطلعات المنشودة للشعوب العربية والأفريقية على حد سواء.
وحسناً أن تقف هذه القمة أمام مختلف القضايا، خاصة تلك المرتبطــة بالتطورات السياسية التي أعقبت ثورات الربيع العربي، لما لها من أبعاد وتـداعيات يمكن لها أن تنسحب على مجمل دول المنطقة، وهـو ما يتطلب من هذه الدول تعزيز ضمانات استتباب الأمن والاستقرار.
ولم تكن التطورات الايجابية التي شـهدتها الساحة اليمنية من خلال الانتقال السلمي السلس للسلطــة ومسيرة الحوار الوطني بمنأىً عن اهتمامات ومتابعة القمة العربية - الأفريقية وتأكيد الجميع على قدرة اليمنيين انجاز هذا التحول وعلى نحو جنبهم مخاطـر الوقوع في أتـون حرب مدمرة، الأمر الذي استدعى مباركة وتأييد هذه الخطوات الحضارية التي يقطعها اليمنيون وعلى نحو غير مسبـوق.
ولابـد - والحال كذلك – من الإشـارة إلى ضرورة قيام هـذه القمة بدعم اليمن مادياً و لـوجستيا،ً وذلك بالنظر إلى التبعات الضخمة التي يتحملها جـراء استضافته أكثر من مليون لاجئ غير شرعي من دول القرن الأفريقي وهي أعباء ينوء عن حملها الاقتصاد الوطني خاصة وهو يواجه تحديات سياسية واقتصادية متزايـدة خـلال هـذه الفتـرة.
وعلى كل حـال فإن التجربة اليمنية المتفردة في التعاطي مع استحقاقات الديمقراطية والتنمية والشراكة الوطنية هي أنموذج يستحق كل الدعم والرعاية من مجموعتي الدول العربية والأفريقية، فضلاً عـن ضرورة تحمل جانب من المسؤوليات المتزايدة التي يضطلع بها اليمن بصورة مباشرة وغير مباشرة لتأمين متطلبات اللجـوء الذي يمثل – هـو الآخر - عبئاً على الأوضاع الداخلية وخطورة وإمكانية انسحاب ذلك على أمن واستقرار دول الإقليم ككل.