تتمُّ مكافأة المعتدين على خطوط أنابيب النفط والغاز بحُجّة تقول: «إن دفع بضع ملايين لهم يوفّر عشرات الملايين للدولة..!!» وهكذا نجد الماضي القريب يعيد إنتاج نفسه في منطق التعامل مع المجرمين الموتورين، ويصبح المال العام عُرضة لابتزاز القتلة وقطّاع الطرق والخطَّافين من كل شاكلة ولون، وتلتبس السلطة بالحالة وكأنها تُشجّع المعتدين على مواصلة خرائبهم، وتكافئهم مالاً على أسوأ ما يفعلون..!!.
صبر اليمانيون وصابروا، تحملاً وامتصاصاً لهذه الصدمات المتتالية، لكن الأمر لم يقف عند حد، فقد شهدت الساحة اليمنية اغتيال مئات الكوادر العسكرية والسياسية، كما شهدت اختطافات متقطّعة لمختلف الفئات المجتمعية والخبراء الأجانب، وتواصل مسلسل الموت باستخدام الدرّاجات النارية القاتلة على نطاق واسع، فيما تزايدت وتيرة القتل والتدمير باقتراب مؤتمر الحوار الوطني من خواتمه المأمولة التي تتأجَّل يوماً بعد آخر.
من الغباء قراءة هذا المشهد الميداني المعجون بالدماء والدموع خارج المُعطى السياسي الملغوم بصراعات الظلام والظلاميين، فالمصالحة الوطنية التي بدت باهرة وواعدة بعد التوقيع على المبادرة الخليجية والأخذ بأسبابها؛ تكشَّفت عن صراع مؤجّل، وإصرار على تدوير معطيات الأزمة وخرائبها، ونضوب فاجع في العقل السياسي المعني بإدارة المصالحة على قاعدة الحكمة والتنازلات الشجاعة، وتقدير المصلحة العليا للمجتمع.
اليوم يزداد الاستقطاب غير الحميد، والتَّمترُسات المُتخلّفة، والاستدعاءات المُريبة لغوامض دينية مقرونة بغسيل دماغ فاجع لطرفي التقاتل على جبهتي الدين السياسي الذي يتمرأى ظاهراً مخيفاً في منطقة “دمَّاج” حيث يحتدم قتال ضارٍ بين السلفيين والحوثيين، وكلاهما تياران في الكلام والتاريخ لا علاقة لهما بالوسطية التاريخية لليمانيين بشقيها الشافعي والزيدي.
Omaraziz105@gmail.com