ثمة رأي جمعي سـائد على أن الوظيفة العامة حق للجميع، غير أن الحقيقة المُثلى في هذا الجانب أن الوظيفة العامة تكرّس مبدأ البطالة المقنعة وتحوّل مواهب الأفراد إلى عبء إضافي على المجتمع، فضلاً عن قتل ملكات الخلق والإبداع عند الإنسان.
ومع الأسف الشديد، فإن الثقافة السائدة بأن العمل مع الدولة هو الضامن الحقيقي لدخل الأسرة.. هو قول مغلوط إلى حد كبير، خـاصة إذا مـا عـرفنا أن هــذه المجتمعات التي تعتمد هذا النمط من السلوك قد وصلت في نهاية المطاف إلى نتائج سلبية.
صحيح إن الشباب – وتحديداً الخريجين – يعانون من البطالة.. وصحيح أيضاً إن الدولة أصبحت متخمة بالعمالة الفائضة، لكن الصحيح أيضاً أن التوفيق بين هاتين الإشكاليتين يعتمد في الأساس على محاولة البحث عن طـريق ثالث يأخذ بعين الاعتبار وضع برامج حكـومية لتشجيع الشباب على الانخراط في مهام حرفية وإنتاجية وإعادة النظر في المناهج الدراسية وتوسيع دائرة النشاط الاقتصادي القائم على تمويل المشاريع الصغيرة والأصغر وإقامة المشاريع الكبيرة في البنية الأساسية واعتماد سياسات تشجيعية لجذب الاستثمارات الداخلية والخارجية وخـلق بيئة تشريعية مشجعة لقطاعات الإنتاج التي تعتمد على المبادرة الفردية في المجتمع.
والحقيقة، فإنه ما لم يُعد التفكير في هذه الإشكالية المجتمعية سيبقى دور الدولة محدوداً في مسؤولية الرعاية المجتمعية.. وبالتالي فإن الاقتصاد لن يحقق معدلات النمو المطلوبة، بل لعل هذه الحقيقة تزداد أهميتها مع ظروف التحول إلى منظومة الحكم القائم على نظام الأقاليم والذي ستكون أمامه مسؤولية التنافس لتفعيل وتيرة الأداء الاقتصادي داخل المجتمعات المحلية.. والتراجع التدريجي عن اعتماد الأنماط السائدة في فهم الوظيفة العامة، فضلاً عن تشجيع قطاعات الشباب في أعمال إنتاجية تعمل على توظيف هذه القدرات و بما يخفف من أعباء الاعتماد كلياً على الدولـة.. وهـو ما سيؤدي – بالنتيجة إلى تحسين منظومة الاقتصاد داخـل هـذه المجتمعات المحلية من جهة والاقتصاد الوطني بشكل عام.