شيء مـؤسف وخطير الذي يجري داخل وخارج محافظة عمران ، خاصة بعد المجابهات العسكرية بين الأطراف المعنية رغم الجهود المتواصلة لإيقاف هذا الاقتتال الدامي والحرب القذرة التي لن يكون فيها منتصر أو مهزوم.
ومما يدعو للأسف كذلك أن تمتد شرارة هذا الاقتتال بين جماعة الحوثيين من جهة وقبائل تلك المناطق من جهة ثانية إلى مرحلة حساسة اقتضت تدخل المؤسسـة العسكرية التي حرص قادتها وفي المقدمة الرئيس عبدربه منصور هادي من أجل ابقائها في منأى عن هذه السجلات ..وبالتالي وضع حد لاستمرار هذا النزيف والتدهور الخطير الذي ينذر بكارثة إذا لم يتم السيطرة عليه ومحاصرته منذ الآن.
وليس غريباً أن يتزامن هذا التصعيد العسكري الخطير في محافظة عمران مع استمرار بعض القوى المتضررة من التسويـة السيـاسية محاولـة تفجير الأوضاع وتعطيل مخرجات الحوار الوطني فضلاً عن توقيت هذه الحرب مع حملة المؤسستين العسكرية والأمنية على مواقع تنظيم القاعدة وحشوده في بعض مديريات محافظتي ابين وشبوة ، بل أن هذا التزامن يطرح أمام الجميع تساؤلات عما إذا كان ذلك يهدف إلى تخفيف الضغط على هذا التنظيم الارهابي وعناصره التي تلفظ أنفاسها الأخيرة .. أم أن هذا التـزامن يأتي كجـزء من استراتيجية القوى المتقاتلة لحسابات تتقاطع ومصلحة الوطن وتعزيز موقعها التفاوضي خلال ما تبقى من مرحلة التسوية السياسية .
وما من شك فإن بعض القوى الاقليمية تعمد إلى شق وحدة الصف اليمني بتوسيع مناطق نفوذها من خلال استغلال بعض التباينات في المواقف والاتجاهات التي تتبناها بعض المكونات السياسية والمليشيا المسلحة إذ بات واضحا أن هذه القوى الاقليمية تدعم العناصر المعبرة عن قناعتها وطموحاتها تلك في الداخل اليمني بكل ما يتاح من المال والسلاح , الأمر الذي يستدعي وقفة وطنية شجاعة تجاه ضرورة فضح و ايقاف تلك التدخلات في الشؤون الداخلية لليمن.
و في غمرة هـذا الصراع المسلح ينبغي ألا نغفل جهود الرئيس عبدربه منصور هادي للتخفيف من حدة هذه المواجهات بوضع المعالجات الممكنة .. وهي الجهود التي كللت مؤخراً بالتوقيع على وثيقة للهدنة بين الاطراف المتقاتلة فضلاً عن العمل الدؤوب لوضع تسوية سلميه لهذا الاقتتال وبما يجنب اليمن المزيد من التبعات ، إذ سيكلف استمرار هذه الحرب تبعات إضافيه خطيرة على حاضر ومستقبل الوطن ، خاصة إذا ما أخذت هذه الحرب بعداً مذهبياً سوف يأتي على الأخضر واليابس !
ومن المؤكد أن الوقت قد حان الآن أمام اليمنيين استيعاب أبعاد ومخاطر هذه الحرب في مناطق عمران.. والعمل بجدية وفي إطار من الاصطفاف الوطني مع جهود الرئيس هادي لتجاوز هذه التحديات و دون أن نغفـل التحـالفات الداخلية التي بدت واضحة منذ ثوره الشباب السلمية مطلع عام 2011م ، حيث تجلت تلك التحالفات في خلط أوراق فرقاء التسوية ممن كانوا يناصبون بعضهم البعض العداء و أضحت في ظل هذه المعطيات متحالفة يجمعها قواسم مشتركة بهدف تعطيل حركة التغيير و إفشال مخرجات الحوار الوطني والهادفة إعادة بناء الدولة المدنية وعلى أسس حديثة تكفل قيم العدالة والحرية والمساواة وترسيخ مبادئ الحكم الرشيد .