في الوقـت الذي تزداد فيـه الضغوط في اتجاه محـاولات كـسر إرادة اليمـنيين و مســاعي عرقلة مسارات التحول الحضـاري.. في هذا الوقت تتجلّى حكمة القيادة السياسية في أروع معانيها، خاصة وهي تتعامل مع هذه المعطيات برؤية وموضوعية و عقلانية و بحيث لا تستجيب لتلك المحاولات الهادفة إلى اختطاف القرار بالتورّط في إعادة إنتاج الصراعات المسلّحة التي طبعت المشهد السياسي طيلة العقود المنصرمة من عمر الثورة و الوحدة اليمنية.
وفي هذا المنحى يمكن القول: إن القيادة السياسية بزعامة الرئيس عبدربه منصور هادي سعت حثيثاً من أجل العمل على تجنيب الوطن والتجربة مغبّة الوقوع في أتون نار هذه الاختلافات والمواجهات من منظور الحرص على مصالح واستقرار الوطن واخضرار شجرة التسوية السلمية.
ومع الأسف الشديد فإن هذه النوايا الصادقة و روح التسامح والحرص على تعزيز وتيرة التوافق لم تجد آذاناً صاغية واستجابة صادقة و بخاصة عند بعض فرقاء التسوية وغيرها من القوى التي تحاول عناصرها اليوم جرّ الحكومة إلى مربّعات الدخول في دوامة الاقتتال والاحتراب بهدف تشتيت الجهود الوطنية وتمرير مشاريع مأزومة وحصرية في أفق ضيّق تُعلي من مفاهيم التجزئة والعنصرية وهو ما يتطلّب العودة إلى جادة الحق والصواب وإعمال العقل واستثمار الفرصة التاريخية المواتية لدعم تجربة الانتقال السلمي للسلطة وذلك من خلال الانخراط في العملية السياسية السلمية وفرملة الاحتكام إلى لغة القوة والسلاح لفرض قناعات لا تستقيم ومبدأ التوافق الوطني، بل وغير مقبولة البتة تحت أيّ شعار أو مُسمّى!.
لقد جرّب اليمنيون طويلاً الاستقواء بمنطق القوة والعنف فلم تُفلح هذه القوى التي احتكمت إلى هذه الخيارات في فرض منطقها بالقوة على اليمنيين عبر التاريخ، حيث بقي الوطن عصيّاً على كل المحاولات اليائسة لتطويعه بالقوة أو محاولة إعادة عقارب التاريخ إلى الوراء.. ولعل شواهد التاريخ المعاصر تؤكّد صوابية هذه الحقائق مهما كانت كلفة التضحيات.
ومن حسن الطالع أن تتسم قيادة الرئيس هادي بالحكمة والعقلانية والاتزان التي فوّتت ـ ولاتزال ـ تفوّت الفرصة أمام هذه الرهانات الخاسرة والمتربّصين بالاستقرار الداخلي وتهديد السلم الاجتماعي،غير أن هذا النمط من التفكير الاستراتيجي لا يعني ـ بالضرورة ـ الرضوخ لبعض المحاولات التي تتعارض مع مصالح الأمة أو أن تكون فوق سلطة النظام و القانون وبخاصة في ظل متطلّبات التغيير المستمدة من الإرادة الوطنية والدعمين الإقليمي والدولي، لذلك لسنا بحاجة إلى التذكير مجدّداً بأن مآلات تلك الرهانات الخاسرة مصيرها الفشل في نهاية المطاف!.