من المؤكد أن الأُمور لن تسير في الوطن وفق أهواء الحالمين الغنائيين، فالدرب مليء بالمشقّات والمتاعب، والحلول تختمر عطفاً على كامل الاعتمالات والمخاضات الصعبة، وليس من طرف في وسعه التبجُّح بامتلاك الحقيقة والحق أياً كان، كما أن المكوّنات السياسية القائمة ليست سبيكة مغلقة مُستغلقة، فالجدل يتَّسع بسعة الأغيار ونواميس الأرض والسماء.
لفرقاء الساحة اليمنية الذهاب مباشرة إلى خيار الحوار الذي لا خيار غيره، وإذا لم يلتقطوا هذه السانحة العاقلة، فإن خيار الصِّدام سيكون البديل القاتم، لكنه سيؤدّي في نهاية المطاف إلى الحوار والتسوية، فلماذا نستبدل الأدنى بما هو أعلى، ونحن العليمون بالحرب ومعناها، قال الشاعر الحكيم زهير بن أبي سلمى قبل أكثر من ألف عام:
وما الحرب إلا ما علمتم وذُقتمُ
وما هو عنها بالحديث المُرجَّم
إن قطع الطريق على الحرب سيوفّر على البلاد والعباد الكثير، الكثير من الويلات والآلام، والشواهد ماثلة أمام الجميع، ويكفي الإشارة هنا إلى الفارق الكبير بين المشهدين السوري والتونسي، وأيضاً واستتباعاً المشهدين الليبي واليمني.
أمام اليمانيين فرصة تاريخية لتأكيد حكمتهم التي أخرجتهم من محنة التقاتل العدمي قبل عامين؛ وبوسعهم استثمار الحالة الاستثنائية التوافقية عربياً ودولياً حول الشأن اليمني.
فدول الخليج العربي ـ بإجماعها ـ تقف إلى جانب التسوية السياسية اليمنية التوافقية، ومجلس الأمن يتوحَّد عند هذا الحد، كما لم يحصل في أية قضية مشابهة طوال العقد الحالي، والدول العشر الراعية للتسوية السياسية تقف إلى جانب اليمن الموحّد المنخرط في العملية السياسية التوافقية الحكيمة، والتحاق المؤتمر الشعبي العام بخيار الإجماع الوطني والمبادرة الرئاسية الجديدة؛ رسالة ناجزة لمن كان له عقل وقلب.
Omaraziz105@gmail.com