لم تتح لي الفرصة خلال الأيام المنصرمة التعليق على أنموذج التوافق بين مختلف القوى السياسية والمكوّنات المجتمعية بما في ذلك جماعة «أنصار الله» في محافظة تعز، خاصة أن هذا التوافق جنّب المحافظة الدخول في معترك الاختلاف والمواجهة العسكرية غير محسوبة النتائج والآثار على استقرار السلم الأهلي داخل هذه المحافظة.
ولا شك أن هذه الخطوة تُحسب لقيادة المحافظة ومجلسها المحلّي وكذلك لتلك القوى السياسية التي تنتمي إلى أرضية من المدنية وتتكئ على مناخ ثقافي متسامح، يغلّب الحكمة والحوار ونبذ مظاهر التطرف والتشدد والانغلاق.
وفي الوقت الذي نشدد فيه على هذه الإيجابية التي توصلت إليها الأطراف المعنية في هذه المحافظة؛ فإن المطلوب أيضاً التأكيد على أهميتها والعمل الجاد من أجل تعميق وتجذير مسلكها وبما يتيح نبذ كل مظاهر عسكرة الحياة المدنية فيها والاحتكام إلى النظام والقانون في معالجة الاختلالات التي قد تنشأ بين الحين والآخر بين هذه المكوّنات لأسباب مختلفة.
وفي هذا الإطار لابد من التركيز على ضرورة أن ينعكس هذا التوافق على تجنيب المؤسسات الحكومية مخاطر الزج بها في أتون هذه الاختلافات، بل لعل الأهم هو تجنيب المؤسسة العسكرية والأمنية مغبة أن تكون طرفاً في أي من تلك التباينات، وهو الأمر الذي سيؤدي إلى انهيار أي توافق مهما كانت النوايا حسنة وصادقة.
لكل ذلك لا يسعنا إلا أن نشد على أيدي هذه القوى السياسية التي غلّبت مصلحة المحافظة وأمنها واستقرارها على ما عداها من مصالح حزبية وسياسية وفئوية ضيقة، متمنّين أن تحذو بقية المحافظات حذو هذا المسلك وبما يساعد على الخروج من أسر هذا الاحتقان الذي تعمل بعض القوى – مع الأسف الشديد – على تغذيته وتعميقه بصورة ستلحق أفدح الضرر باللُحمة الوطنية بل ستكون – إذا ما نجحت في مخططها – بمثابة كارثة حقيقية لا تُحمد عقباها على حاضر ومستقبل الوطن.
"الجمهورية"