ما يعتمل من أحداث مؤسفة واحتراب أهلي في عدد غير قليل من الدول العربية يبعث على الأسى والحزن ويدعو إلى وقفة نخبوية مسؤولة ترتفع إلى مستوى هذا التحدي وتعمل بالتالي على محاصرة هذا الاحتراب الذي يجري في أكثر الأحيان دون مبرر أو سياقات موضوعية عدا ما تغذيه بعض القوى الإقليمية من تأجيج حالة الاختلاف والتباين بين مكونات المجتمعات العربية التي ابتليت بهذا النزاع المقيت.
ومنذ مطلع هذا القرن اتسع نطاق هذا التوتر وساهم كثيراً في حدوث تصدع داخل الجبهة العربية وحَيّدَ الأمة عن أهدافها الإنمائية والاستراتيجية وتضييع فرصة الاستفادة القصوى من مواردها المتاحة، حتى إن بعض هذه الدول باتت على حافة الإفلاس جرّاء الكلفة الباهظة لهذا الاحتراب والتمزق.
وفي هذا الصدد تبدو إشارة الدكتور أحمد الخطيب رئيس الأزهر الشريف ذات دلالة وهو يؤكد مجـدداً على أن التمزق الذي تعيشه الأمة ليس ثمة ما يبرره منطقياً.
وإنه بقليل من الاحتكام إلى العقل والحرص على المصالح الوطنية والقومية يمكن خلق مناخ مشجع للحوار بين المذاهب والطوائف والأديان في المنطقة وعلى نحو يخمد بـؤر التوتر القائمة بصورة مرحلية كلية.
وحسناً أن يدور الحديث مجدداً عن ضرورة انعقاد مؤتمر يضم المرجعيات الشيعية والسنية وتحديداً بين الأزهر والنجف للوقوف على آثار وعمق الأزمة الراهنة وتداعياتها الخطيرة.
وبالتالي البحث عن القواسم المشتركة ودعوة الأطراف الإقليمية إلى دعم خيارات السلام والتقارب والعمل جدياً على عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان، فضلاً عن عدم إشعال الفتن المذهبية والطائفية والاستعاضة عن ذلك بتقديم العون والمساعدة لأي من أطراف الاحتراب الذي لا يمكن إطفاء جذوته ما لم تسارع الأطراف الإقليمية إلى التعاطي المسؤول مع المشكلات الراهنة وبمعزل عن أوهام القوة والنفوذ، خاصة وأن المنطقة برمتها مهددة بالوقوع في مخاطر الاشتعال الكبير الذي لن ينجو منه أحد.