شركاء التوافق العاقل في المعادلة السياسية اليمنية مطالبون بالوقوف أمام المشهد الماثل بكامله، وملاحظة تعدُّد عناصره، والخروج بتوافق جديد يكرّس حكمة التنازلات الشجاعة من أجل المصلحة العليا للوطن والمواطنين، وأن يدركوا أن اللعب بالنار سيضر الجميع، ويحيل مشهد البهاء اليماني لما بعد الربيع العربي إلى تراجيديا قاتلة لا يمكن التنبؤ بأبعادها ومآلاتها.
«القاعدة» في اليمن ليست إلا رافداً شبحياً رمزياً لكامل الحالة المفارقة للدولة والمؤسسة، و«القاعدة» لا يمكنها أن تتحرّك خارج نطاق الحواضن والروافد الإجرامية المنتشرة، وخاصة منابع بيع وترويج الأسلحة، والطغم المالية والعسكرية المنخرطة في التجارة غير المشروعة، أولئك الفرحون بأردية الدولة ونياشينها، وهم أبعد ما يكونون عنها، والجماعات النفعية الصغيرة التي أعمت المصالح غير المشروعة بصائرهم، فأصبحوا يناجزون التاريخ والحقائق، مُتناسين أنهم بهذا السلوك يحكمون على أنفسهم بنهاية تراجيدية قادمة.
على الذين استمرأوا اللعب بالنار إدراك أن هذا المنهج سيكون وبالاً على الجميع، ولن يوفّر منتصراً أو مهزوماً؛ ذلك أن الجميع سيجدون أنفسهم في دائرة الهزيمة التاريخية المؤكّدة.
«القاعدة» في اليمن ليست إلا حالة دونكيشوتية اعتيادية لكامل الثقافة البائسة، المفارقة للدولة والمؤسسة، وهي بهذا المعنى أفضل ورقة لصالح الأجندات المُتخلفة أياً كان شكلها ولونها ورائحتها.
ومن هنا أرى أن اعتبار «القاعدة» مركز الثقل الأكبر في الإرهاب والتخريب ينطوي على قدر كبير من المخاتلة، فـ«القاعديون» الأرضيون الممارسون للقتل المجاني ليسوا سوى أدوات طيِّعة بيد أمراء الحرب المُتخفُّين وراء الأوسمة والنياشين والاستيهامات القبائلية الضيقة؛ تلك التي أساءت إلى عرف القبيلة ومنطقها الحكيم، بقدر مصادرتها للدولة وقوانين العصر.
Omaraziz105@gmail.com