رغم كل التحديات والصعوبات فقد أوشك مؤتمر الحوار الوطني الشامل على إسدال ستارة النهاية لمداولاته التي استمرت قرابة العام.. وهو ما ترك شعوراً عارماً بالارتياح لدى مختلف الأوساط المحلية والخارجية على حد سواء، باعتبار أن تلك النتائج تعد تأسيساً لعقد اجتماعي جديد يفضي إلى قيام الدولة الضامنة والعادلة، يتساوى فيها جميع اليمنيين تحت ظلال العدالة والحرية والمساواة وسيادة القانون وعلى قاعدة من الشراكة الوطنية والحكم الرشيد.
لقد شكلت أدبيات مخرجات مؤتمر الحوار الوطني إطلالة على المستقبل الذي ينشده ويتطلع إليه كل أبناء الوطن في الداخل والخارج.. كما تعد هي تلك المخرجات ردماً لحقبة من مخلفات وتبعات الماضي بكل فصوله وأدواته المأساوية، إذ أكدت أجواء التوافق على قيام الدولة الاتحادية التعددية الديمقراطية، عوضاً عن الدولة المغرقة في المركزية الضاربة أنيابها في الظلم والفساد والاستحواذ.. والتأكيد كذلك على تعدد خيارات الأقاليم وإدارتها على النحو الذي يمكن المجتمعات المحلية من تطوير قدراتها بالاستفادة من الموارد المحلية، فضلاً عن أن هذه المخرجات تتوخى تحقيق العدالة وجبر الضرر وتعميق قيم الحرية والعمل على مبدأ التوافق والشراكة الذي سيسهم راهناً وفي المستقبل على إخراج البلاد من مجمل دوائر التحديات التي أعاقت مسيرته طيلة العقود الخمسة الماضية.
وفي الوقت الذي تحمل فيه هذه الأدبيات جينات مشروع حضاري طموح يؤسس للمستقبل، فإن أمر ترجمة مضامينه ومنطلقاته إلى وقائع معاشة يعتمد بدرجة أساسية على جدية النخب السياسية في تعاطيها مع مخرجات هذه التسوية، فضلاً عن استمرار دعم المحيط الإقليمي والدولي لمسار الدولة اليمنية الاتحادية الناشئة على درب هذا الطموح المشروع..وقبل كل ذلك، فإن بلورة نتائج ومخرجات هذا التوافق الوطني الذي عبرت عنه نتائج مؤتمر الحوار يرتكز في نجاحه على قبول الأطراف السياسية بأن ثمة مرحلة جديدة ينبغي التسليم بقواعدها في إدارة مصالح اليمن وأمنها الإستراتيجي وفقاً لمنظور التوافق الوطني وبمعزل عن تلك التي تعرض مكونات المجتمع للتحلل وأمن الوطن للخطر